الجملة العصبيه ومكوناتها ج 7

الجملة العصبيه ومكوناتها ج 7

نظرة عن قشر الدماغ :

لو ألقينا نظرة على المخ لوجدنا انه يتكوّن من فصين بشكل بيضي ومن لونين ، اللون السطحي رمادي رقيق ، وفي الداخل تجتمع الألياف العصبية الصادرة من هذه الخلايا وهي بلون أبيض لأنها مغلفة بمادة دهنية تشبه تغليف الأسلاك الكهربية ، ولقد وجد ان هذه الخلايا العصبية التي تجتمع في القشر هي المراكز الأساسية لقيادة البدن وهي مركز الإرادة والشخصية والتفكير والنشاطات الذهنية الراقية ، كما نلاحظ ان هذا السطح يتكون من تلافيف ومنعطفات فليس القشر سطحاً أملساً ولا علاقة لهذا الأمر بالذكاء كما تبين مؤخراً لأنه كان يعتقد في السابق ان كثرة التلافيف تحدد الذكاء ، ويبلغ وزن الدماغ حوالي 1200 غرام تقريباً وهو يجثم مثل الزهرة فوق ساق نحيفة التي هي النخاع الشوكي ، والخلايا العصبية التي تشكل القشر تتراكم فوق بعضها بحيث أنها تشكل ستة طبقات ، ويبدو ان كل منطقة من مناطق الدماغ تتراكم فيها أنواع خاصة من الخلايا أكثر من غيرها .

الجملة العصبيه ومكوناتها ج 7

فمثلاً ، وجد ان مناطق الحركة التي نحن بصدد البحث فيها تكثر فيها الخلايا التي تشبه بشكلها شكل الهرم ولذا سميت بالخلايا الهرمية وهي تختص على ما يبدو في الحركة ، كما وجد ان قشر الدماغ تتوزع فيه مناطق وكل منطقة تختص بعمل معين .

فهناك منطقة للرؤية وهي تتركز أكثر ما يكون في مؤخرة الدماغ وهو ما يعرف بالفص الدماغي القفوي ، كما وجد ان المنطقة الصدغية تختص بالسمع ، والمنطقة الأمامية وهو ما يسمى بالتلفيف الجبهي يختص بالحركة ، وتتجمع مراكز الحركة حول شق في التلافيف الأمامية يعرف هذا الشق بشق رولاندو ، وأما منطقة الحس فتقع خلفه مباشرة وهي مسؤولة عن الحس العام في الجسم والذي قلنا انه يتجمع في السرير البصري ليصعد بأشعة تشبه التاج أو الإكليل إلى الفص الجداري في الدماغ .

 ويبدو ان مراكز الذوق تكمن في أسفل التلفيف الصدغي الأول لأن نفس المنطقة تمر فيها بعض الأثلام بحيث تقسمها إلى تلافيف ولذا يوجد في كل فص من فصوص الدماغ عدة تلافيف وكل تلفيف بل كل جزء مهما دق من التلفيف يهيمن على بعض المناطق في الجسم ، واما الشم فيمر إلى منطقة بين نصفي الكرة المخية بعد أن تجتاز الألياف الشمية الصفيحة الغربالية والتي تمثل سقف الأنف حيث تذهب إلى البصلة الملقاة في قاع الصندوق العظمي القحفي وبعدها إلى المركز الذي يشبه في شكله حصان البحر ولذا سمي بتلفيف حصان البحر وكلها تشبيهات واشعارات وأمثلة حتى يمكن إدخال هذه المعلومات المعقدة عن الدماغ إلى الدماغ .

المنطقة الحركية ، ذكرنا ان القشر يتكوّن من ستة طبقات من الخلايا مثل الخلايا الذرية والهرمية التي تختص بالحركة وخلايا بتز وكثيرة الاشكال وغيرها وهناك خلايا بور كنج وهي اختصاصية في المخيخ وسنفرد لها بحثاً خاصاً ، لقد وجد ان المنطقة الحركية التي تجتمع حول شق رولاند في المخ تشرف على الجسم وهي بشكل معكوس أي ان مركز ابهام القدم هو في الاعلى ويقع أسفل منه مركز الساق ثم الركبة ثم الفخذ وهكذا ، كما وجد أن توزيع المناطق يرجع من ناحية المساحة إلى شدة فعاليته وهكذا فان مركز الشفتين واللسان والفم هو أوسع وأكبر من منطقة الظهر.

 كما وجد ان نفس المنطقة فيما إذ دققنا البحث فيها لوجدنا ان كل عضلة من عضلات الجسم قد يكون لها مركز خاص والحق ان قشر الدماغ معقد محير في تركيبه وعمله مع ان مساحته فيما لو فرشت فانها لا تتجاوز قدمين مربعين وهذه الخارطة الإنسانية فيها مراكز ومراكز كما لو نظرت إلى خارطة جغرافية تماماً فهنا الجبال وهناك الوديان ، وهناك الأنهار ولكن خارطة العالم . 

معلومة معروفة الآن بينما خارطة الدماغ الانساني فيها قارات وقارات مجهولة غير معروفة وان كشف منطقة بمساحة طابع بريد يحتاج إلى جهود مجموعة كاملة من العلماء الأفذاذ المتفرغين وإلى مدى سنوات طويلة ويذكر صاحب كتاب العقل البشري جون فايفر ان عالمة من جامعة متشيجان في أميركا هي السيدة اليزابيت كورسي أصبح لها ثلاثون عاماً وهي تشتغل لكشف بعض الممرات العصبية في دماغ القردة .

وهذه المراكز الحركية فيها اختصاصات فمنها ما يسمى بالمناطق المحركة المادية وحولها المناطق المحركة الروحية النفسية ، ولعلنا نتساءل ما الفرق بين المنطقتين وهل كل المراكز في الدماغ هي بهذا الشكل ؟ ان الاجابة السريعة على السؤال الثاني موجودة وهي ان كل المراكز لها اختصاص روحي نفسي كما في السمع والبصر وغيرها ولكن ماذا يعنى بها ؟ ان هذا يحتاج لتوضيح .. 

يمكن ان نفهم المركز الروحي باختصار على انه المركز الذي ينظم وينسق ويرتب الحركات كما انه يفهم ماذا يرسل اليه وكيف يرتب الحركة المطلوبة وأوضاعها بحيث يتحقق الانسجام الكلي في الحركات ، وأما المناطق المحركة المادية ففيها طريقان الطريق الأول ويعرف بالطريق الهرمي وهو الذي يأتي من التلفيف الجبهي وينزل إلى البصلة حيث يتصالب مع الألياف القادمة من نصف الكرة المخية الآخر .

وهكذا فان كان نصف كرة مخية يحكم ويسيطر على النصف المقابل للجسم ، وهكذا فان اصابة المنطقة الحركية في نصف الكرة المخية الايمن يحدث فالج في القسم الأيسر من الجسم كله وكلها تدرجت الاصابة إلى أسفل أصابت المناطق التي تحكمها مباشرة والتي تقع تحتها مباشرة .

 وأما الطريق الثاني للألياف التي تسيطر على حركة البدن فتنبثق من مناطق أخرى من الدماغ مثل الفص الجداري والفص الصدغي بالاضافة إلى الفص الجبهي في الكرة المخية وعمل الجملة خارج الهرمية يشترك مع بعض الجزر الرمادية ( وهي الخلايا العصبية التي تشكل مراكز باجتماعها ) المدفونة في أعماق الكرة المخية وهي ما تعرف بالدماغ المتوسط وهي نامية جداً في الحيوانات الدنيا ، وعمل الطرق خارج الهرمية ينصب على تكميل العمل الارادي الواعي كما في السير .

حيث تبدأ الحزم الإرادية السير وتنهيه فقط بينما تقوم المناطق خارج الهرمية ببقية تحريك الأعضاء اثناء السير وكأن هذه الأماكن تسيطر وتعمل بشكل نصف ارادي وكذا الحال في الأمور العادية من الحياة والتي تشبه السير حيث لا يسيطر الوعي كلياً وإنما في بعض جوانبه حيث ان المشي لا يتدخل فيه الوعي كلياً بل في بعض أجزائه وكذلك الحال في أمور كثيرة مثل قيادة السيارة وربط الحذاء وربطة العنق واشعال السيجارة والقيام بالأعمال المنزلية الكثيرة .


يتبع .......

هناك تعليقان (2):

اكتب تعليقك هنا .. وضع اقتراحاتك و ماتتمنى منا مساعدتك به