الجملة العصبية ومكوناتها ج 4

الجملة العصبية ومكوناتها ج 4
الاعصاب :

ثم لننظر في الأعصاب التي تسيطر على الجسم وتأمره بالحركة كما أنها تتلقى الأوامر منه ، أن اتصال الاعصاب بالجسم هو على مستويين الأول الاعصاب الارادية وهي تسيطر على طائفة معينة من العضلات في الجسم التي تسمى بالعضلات المخططة لأن العضلات قسمان قسم مخطط أي ذو شكر مخطط وهذا يختص البعضلات التي تتدخل فيها الإرادة لتعمل كما في عضلات اليد حين تكتب أو عضلات الساق والفخذ وهناك نوع ثاني من العضلات هو العضلات الملس والإرادة لا تتدخل فيها وإنما تسيطر عليها جملة عصبية خاصة ومنها أجهزة الهضم والتنفس والبلع وعمل القلب وبالطبع فإن هذا من مصلحة الإنسان لأن هذه الاجهزة لو كانت خاضعة لعمل الارادة فمعنى ذلك أن الانسان لن يكتب له النوم طول الحياة حتى ولا الغفلة لأن هذا معناه الموت المحتم له ، ولكن مع هذا نجد أن عملية التنفس وضربات القلب والهضم وبعض العمليات الاخرى تعمل حتى لو كان الإنسان نائماً .


إن الجهاز الذي يسيطر على هذه العضلات هو الجهاز الودي ونظير الودي وحقاً إنها ودي من الود والحب لأنه يحب الانسان ويوده ، وهنا يكمن سر آخر من أعاجيب اسرار التكوين وهو اتزان الاعصاب النباتية أي الاعصاب الودية ونظيرة الودية فالاول يشبه البنزين أو المسرع في الآلة والثاني يقوم بعمل مضاد ، فالاعصاب الودية تسرع القلب وتزيد من الحركات التنفسية وتبطىء الحركات المعوية وتوسع الحدقة وتقبض العروق الدموية فيرتفع ضغط الدم كما يحدث تشنج مصرة المثانة مع وهن العضلة المثانية ، وأما الجملة الغدية فيحدث تعرق مع زيادة الافراز الداخلي والخارجي بالاضافة إلى زيادة سكر الدم .

الجملة العصبية ومكوناتها ج 4

وبالطبع إن هذا كله يمشي مع الدور الذي يلعبه العصب الودي والذي يعاكسه تماماً نظير الودي ، فالعصب الاول يظهر نشاطه في الغضب والانفعال والخوف والرياضة وأعمال العنف والهيجان وغيرها ، وبالطبع فإن الكيان الإنساني في هذه الحالة يثور كما في الرياضة مثلاً وتتوسع حدقة العين ليرى جيداً ويمارس النشاط وهو يرى كاحسن ما يكون ثم إن هذا النشاط يستدعي زيادة عمل القلب ولذا تزداد ضربات القلب ويرتفع ضغط الدم حتى تحسن التزوية ، 
ولكن انقباض العروق ليس عاماً في كل أجهزة الجسم إذ لو كان الامر كذلك فمعنى هذا أن عروق القلب الدموية سوف تنقبض ايضاً وبالتالي سوف تقل التروية الدموية عن القلب ويصاب الانسان بخناق الصدر وهو الم شديد يحصر الصدر ويجبر الانسان على الانقطاع عن الحركة وقد يؤدي إذا زادت الحالة إلى انقطاع التروية عن بعض مناطق القلب وبالتالي حدوث الكارثة المريعة وهي حدوث احتشاء القلب أو ما يعرف عند عامة الناس بالجلطة الدموية القلبية التي قد تكون السبب في موت الانسان احياناً .

ولنتصور الآن أن أي جهد يقوم به الانسان ويبدأ نشاط العصب الودي ليقوده إلى هذا الحالة الوخيمة ، ولكن العصب الودي يقوم بعمل عجيب هنا وهو انه يقبض جميع العروق إلا العروق التي تغذي العضلة القلبية وهي العروق الاكليلية بل على العكس يحدث توسع هذه العروق وزيادة تروية العضلة القلبية بالدم وبالتالي القيام بالدور خير قيام حينما ينشط هذا العصب في العمل كما في الغضب والهياح والركض والمباريات والعمل الجنسي وسواة ..

ثم لننظر في جملة هذه الاسرار أيضاً وهو تشنج مصرة المثانة ، إن الانسان في هذه الحالات يشعر حتى ولو كان بحاجة إلى التبول كأن الدافع قد انقطع والسبب في هذه عمل هذا العصب الذي يرى أن هذا العمل لا يناسب هذه الحالة فيتصل بالمثانة فيأمر عضلات المثانة أو تسترخي ويأمر عضلات عنق المثانة أن تشتد حتى لا يخرج البول في هذه الحالة ، فمن علمه هذه العلوم ودربه على هذه الفنون يا ترى ؟ انه يتصرف كالعاقل تماماً وأما إفراز الغدد فإنه مناسب لهذه الحالة ولذا يحدث التعرق كما يحدث زيادة إفراز هورمونات قشر الكظر حتى يتساند مع بقية الجسم في العمل .

 وأما العصب المبهم أو نظير الودي فإنه يقوم بعمل معاكس تماماً ولذا فإنه ينشط أثناء النوم ولذا تبطؤ ضربات القلب ويزداد عمل الجهاز الهضمي لهضم الطعام كما تقل الافرازات والحركات التنفسية ويهبط ضغط الدم وتقبض حدقة العين وينخفض مقدار السكر في الدم لان النشاط الذي يحتاج إلى المزيد من السكر لا داعي له في هذه الحالة وهكذا نجد أن البدن في حالة اتزان وثبات عجيبة بفضل عمل هذين العصبين الذي يقومان بمثابة الجهاز المسرع والمبطأ في الكيان الانساني أو البنزين والفرامل كما في السيارة ؟!!..

واما الأعصاب التي تتداخل في عمل الإرادة والتي قلنا أنها تسيطر على العضلات المخططة فإن أمرها أعجب ، ويتساءل الإنسان هنا ما الذي جعل هذه الأعصاب تتداخل في الإرادة ؟ وما هي الإرادة ؟ وأين مكانها ؟ وكيف ميزت العضلات التي تتعلق بالارادة بهذه الخطوط التي أعطتها المنظر المخطط المرقط وكأنها جلد النمر !!

 إن هذا يعود إلى أن الاعصاب الارادية تتصل بقشر المخ الذي يعتبر المركز الاساسي لارقى العمليات الذهنية وحيث ترقد بين ئنايا تلك الخلايا شخصية الانسان التي تأمر وتنهى وتسيطر على الجسم وتحركه ، إن خلايا القشر الاوامر بواسطة الالياف التي سميناها بالمحاور الاسطوانية وهذه المحاور تنزل بعد أن تعبر ممرات عجيبة ودهاليز مخيفة ومنعطفات رهيبة وأماكن مدهشة واتصالات فذة عظيمة ..

يتبع .....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اكتب تعليقك هنا .. وضع اقتراحاتك و ماتتمنى منا مساعدتك به